التوازن بين العمل والحياة الشخصية.. مفتاح الصحة واستدامة الأداء
جريدة الرياض -

أكد الدكتو جعيثن الجعيثن، المختص في الإدارة، أن ضغوط العمل في الحياة المعاصرة أصبحت من أبرز التحديات التي تواجه الأفراد داخل المؤسسات، مشيرًا إلى أن تحقيق التوازن بين متطلبات الحياة المهنية والالتزامات الشخصية لم يعد ترفًا، بل أصبح ضرورة أساسية لاستدامة الأداء والمحافظة على الصحة النفسية والجسدية.

تعريف التوازن بين العمل والحياة

وأوضح الجعيثن أن التوازن بين العمل والحياة الشخصية يعني قدرة الفرد على التوفيق بين مسؤولياته الوظيفية وحياته الاجتماعية والأسرية دون أن يطغى جانب على آخر بما يخلّ بالاستقرار النفسي أو الوظيفي.

وأضاف أن "منظمة الصحة العالمية" كشفت في دراسة حديثة أن نحو 60% من الموظفين الذين يعملون لساعات طويلة ويواجهون ضغوطًا مستمرة يعانون من اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، إضافة إلى آثار جسدية مرتبطة بالإجهاد المزمن، ما يؤدي إلى انخفاض التركيز والفاعلية وارتفاع احتمالية الإصابة بالإرهاق الوظيفي.

تأثير ساعات العمل الطويلة على الصحة

وأشار إلى أن العديد من الدراسات الحديثة أكدت هذه النتائج، منها دراسة نُشرت عام 2021 في مجلة العلوم بعنوان «أثر ساعات العمل الطويلة وخطر الإصابة بالأمراض»، والتي أظهرت أن العمل لأكثر من 55 ساعة أسبوعيًا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب.

كما كشفت دراسة أخرى عن علاقة مباشرة بين ساعات العمل الطويلة ومستويات الإجهاد المهني والاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب. وأكدت دراسة نُشرت عام 2023 في مجلة BMJ بعنوان "خصائص ساعات العمل الطويلة وارتباطها بمعدل القلق والتوتر" أن الأشخاص الذين يعملون 180 ساعة شهريًا أو أكثر (أي ما يعادل 45 ساعة أسبوعيًا) أظهروا معدلات أعلى من القلق والاكتئاب والتعب المستمر.

الفوائد الصحية والإنتاجية للتوازن

في المقابل، أشار الجعيثن إلى أن دراسة أعدتها مؤسسة "غالوب" أوضحت أن الموظفين الذين يحققون توازنًا صحيًا بين حياتهم المهنية والشخصية يسجلون إنتاجية أعلى وأداء أفضل، حيث يسهم تخصيص الوقت للراحة والأنشطة الاجتماعية في تحفيز القدرات العقلية، وتحسين جودة اتخاذ القرار، وتقليل الإنهاك الذهني.

التجارب العالمية في دعم التوازن

وأضاف الجعيثن أن العديد من المؤسسات العالمية بدأت تدرك أهمية هذا التوازن كعنصر رئيس في رفع كفاءة الموارد البشرية. وقد أظهرت البيانات أن الشركات التي تطبق أنظمة عمل مرنة شهدت زيادة في رضا الموظفين بنسبة 25%، إلى جانب تحسن ملموس في الأداء العام.

واختتم الدكتور الجعيثن تصريحه بالتأكيد على أن تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية يمثل ركيزة أساسية لتعزيز الصحة النفسية والجسدية وضمان استدامة بيئات العمل، مشددًا على ضرورة تبني المؤسسات سياسات مرنة وبرامج داعمة، إلى جانب رفع وعي الأفراد بأهمية إدارة الوقت وتحديد الأولويات لبناء حياة متوازنة ومستقرة.



إقرأ المزيد