جريدة الرياض - 7/8/2025 5:26:46 PM - GMT (+2 )

باتت الاستدامة اليوم، من أهم أولويات الشركات والحكومات والأفراد على حد سواء. وتمثل هذه اللحظة بالنسبة للشركات السعودية، فرصةً سانحةً للتفكير في الطريقة التي تدعم بها الطاقة المتجددة مرونتها ونموها على المدى الطويل.
وقد أصبحت الإدارة الاستباقية للطاقة ضرورة استراتيجية بالنسبة للقطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل صناعات الأسمنت والتعدين والصلب وغيرها من الصناعات التحويلية الثقيلة، حيث تشكل الطاقة في هذه القطاعات نفقات تشغيلية كبيرة.
إدارة الطلب على الطاقة في بيئة عالية الاستهلاك
وجدير بالذكر أن القطاع الصناعي في المملكة العربية السعودية، يستهلك حوالي 48% من احتياجات المملكة من الطاقة الأساسية، وقد يصل استهلاك تكييف الهواء إلى 70% من ذروة استهلاك الكهرباء في فترة الصيف، ولهذا فمن المهم للغاية إيجاد سبل ووسائل لتقليل الاعتماد على الطاقة وتعزيز الاستدامة. وتسعى الشركات بشكل حثيث إلى إيجاد حلول مبتكرة تُمكّنها من توفير التكاليف، وتحقيق استقلالية الطاقة، والتوافق مع أهداف الاستدامة الوطنية.
ويرتبط مشهد الطاقة المتطور هذا ارتباطاً وثيقاً برؤية السعودية 2030، والتي تمثل خطة تحويلية تسترشد بها المملكة لتنويع اقتصادها والحفاظ على البيئة. ومن الركائز الأساسية لهذه الرؤية التحول الاستراتيجي نحو مصادر طاقة أنظف وتحقيق كفاءة أعلى في استخدام الطاقة. وقد أصبح الترويج لاستهلاك الطاقة بحسٍّ أعلى من المسؤولية وتسريع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة أولوية سياسية وضرورة تجارية في الوقت نفسه. ويؤكد التزام المملكة بتوليد 50% من كهربائها، أي ما يقارب 130 غيغاواط، من مصادر طاقة متجددة بحلول عام 2030، هذا التوجه الاستراتيجي.
تأجير الطاقة الشمسية
يُعدّ نموذج تأجير الطاقة الشمسية حلاً عملياً واقتصادياً للغاية للشركات، إذ أنه يتيح للشركات الاستفادة من الطاقة الشمسية دون أي استثمار مقدم. فبدلاً من شراء وصيانة محطة طاقة شمسية، تتعاون الشركات مع مُطوّر للطاقة الشمسية، مثل شركة Yellow Door Energy، التي تُموّل هذا النظام، وتُصدر التصاريح اللازمة له، وتقوم بتصميمه وتركيبه وتشغيله وصيانته، وبالمقابل تدفع الشركة سعراً شهرياً أقلّ مقابل الكهرباء النظيفة التي يتم توليدها من هذا النظام.
ومن المهم توضيح دور الطاقة الشمسية هنا، فالأمر لا يقتصر على زيادة مزيج الطاقة المتجددة من خلال تقليل الاستهلاك من المصادر التقليدية، بل يوفر نموذج تأجير محطة الطاقة الشمسية وسيلةً مباشرة لخفض تكاليف الطاقة الإجمالية من خلال استبدال كهرباء الشبكة بطاقة شمسية أكثر فعالية من حيث التكلفة. وهذا بدوره يعزز تنافسية الأعمال من خلال خفض النفقات التشغيلية وتقليل الانبعاثات الكربونية للعمليات.
كما يقدم هذا النهج فوائدَ مهمة، مثل التوفير الفوري في فواتير الكهرباء عند تشغيل نظام الطاقة الشمسية. وتُؤمّن الطاقة الشمسية للشركات مستقبلاً آمناً عبر توفير إمكانية التنبؤ بتكلفة الطاقة، والحماية من تقلبات السوق وعدم اليقين طويل الأمد، ما يُحسّن التخطيط المالي للشركة. كما أن اعتماد الطاقة الشمسية يُحسن الاستدامة البيئية لشركة، ويتوافق مع المبادرات الخضراء، ويُعزز المسؤولية الاجتماعية المؤسسية، ويُرسخ مكانة الشركة في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
وتتضمن رؤية السعودية 2030 حاجةً واضحةً وملحة للتغيير. وفي هذا السياق فإن نموذج تأجير محطة الطاقة الشمسية يُقدم أكثر من مجرد حلٍّ مالي، إذ أنه يمثل ضرورةٌ استراتيجيةٌ للشركات التي تسعى إلى ضمان استدامةٍ طويلة الأمد، وتعزيز مرونة الطاقة، والحفاظ على تنافسيتها. ويُمكن للشركات السعودية من خلال تبني حلول الطاقة الشمسية الآن، أن تتحكم بشكلٍ حاسمٍ بمستقبلها في مجال الطاقة، وأن تخفف وطأة ارتفاع تكاليف المرافق، والمساهمة بشكلٍ فعّال في التحوّل الطموح نحو الطاقة النظيفة في المملكة، وفق ما تنص عليه رؤية السعودية 2030. والآن هو وقتُ العمل لتحقيق كل ذلك، حيث أن قوة التغيير أصبحت في متناول اليد.
هشام بن فيصل الحجيلان، الرئيس التنفيذي لشركة Yellow Door Energy في الشرق الأوسط
إقرأ المزيد