مخاوف حرب تجارية تعصف بالأسواق العالمية
جريدة الرياض -

شهدت الأسواق العالمية خلال الساعات الماضية حالة من الاضطراب اللافت، مع تصاعد المخاوف من اندلاع حرب تجارية شاملة تقودها الولايات المتحدة، في وقت واصلت فيه أسعار النفط والذهب تفاعلاتها مع المستجدات السياسية والاقتصادية، وسط تقلبات حادة في مؤشرات الأسهم والعملات العالمية.

ففي الولايات المتحدة، تراجع مؤشر ناسداك 100 بنسبة 0.79%، وهبط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بالنسبة ذاتها ليغلق عند 6,229.98 نقطة، مسجلاً أكبر انخفاض يومي له منذ السابع عشر من يونيو الماضي. وعلى الرغم من هذا التراجع، لا يزال المؤشر قريبًا من أعلى مستوياته التاريخية، حيث يفصله 0.80% فقط عن الذروة المسجلة في 3 يوليو الجاري.

وجاءت الضغوط السوقية مدفوعة بتراجع أسهم قطاع السلع الاستهلاكية الكمالية، بينما مثّل سهم شركة تسلا أكبر مساهم سلبي في أداء المؤشر بعد أن فقد 6.79% من قيمته، في أعقاب إعلان الرئيس التنفيذي للشركة، إيلون ماسك، عن تأسيس حزب سياسي جديد، الأمر الذي أثار تساؤلات حول تركيزه على إدارة الشركة في المرحلة المقبلة.

وفي الوقت ذاته، أثارت تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب قلق المستثمرين بعد تهديده بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 25% و40% على عدد من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، على أن يبدأ التنفيذ في الأول من أغسطس. ورغم غياب التأكيد الرسمي بشأن آلية التطبيق، فإن هذه التهديدات أعادت إلى الواجهة مخاطر التصعيد التجاري وردود الفعل الانتقامية المحتملة.

وفي مقابل التراجع المسجل أمس، استعاد مؤشر S&P 500 جزءاً من زخمه اليوم، مرتفعاً بنسبة 0.30% ليصل إلى 6,239 نقطة، وسط مؤشرات فنية تعكس استمرار الميل الصعودي على المدى القصير، مع اقتراب مؤشر القوة النسبية من مستوى 70، وارتداد المؤشر من دعم تقني عند المتوسط المتحرك لـ9 أيام.

النفط يستعيد زخمه رغم المعروض المرتفع

وعلى صعيد الطاقة، واصلت أسعار النفط تعافيها بعد أن سجّل خام غرب تكساس الوسيط ارتفاعاً بنسبة 1.95%، فيما صعد خام برنت بنسبة 2.41%، رغم الأنباء عن زيادة المعروض من قبل دول «أوبك+» خلال عطلة نهاية الأسبوع.

ويعزى هذا الصعود إلى تجدّد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بعد أن شنّت جماعة الحوثي هجوماً على سفن تجارية في البحر الأحمر، ما أعاد المخاوف من تعطل سلاسل التوريد العالمية في الممرات البحرية الحيوية.

وخلال التعاملات الآسيوية لجلسة الثلاثاء، تراجعت أسعار النفط بشكل طفيف، إذ انخفض خام غرب تكساس بنحو 0.50%، وبرنت بنسبة 0.22%. وتُظهر المؤشرات الفنية أن الخام الأمريكي لا يزال يتحرك في مسار صاعد على المدى القصير، مع بقاء السعر فوق المتوسط المتحرك لـ9 أيام، في حين يشكّل المتوسط لـ200 يوم عند 68.80 دولار مستوى مقاومة مرتقب.

الذهب والفضة يستقران بانتظار وضوح الصورة

وفي سوق المعادن، حافظ الذهب على استقراره بعد أن عوّض معظم خسائره السابقة، والتي بلغت 1% خلال جلسة الإثنين، متأثراً بإعلان البيت الأبيض فرض رسوم جمركية جديدة على دول حليفة، من بينها اليابان وكوريا الجنوبية.

وقد سجل المعدن الأصفر تداولاته عند مستوى 3,337 دولاراً للأونصة، بعد ارتداده من دعم تقني عند 3,326 دولاراً (المتوسط المتحرك لـ9 أيام). ويُتوقع أن يواجه الذهب مقاومة فنية عند 3,350 دولاراً، مع استمرار المستثمرين في مراقبة تطورات النزاع التجاري تحسباً لأي تصعيد.

وفي سياق متصل، واصلت الفضة تحركاتها الأفقية، بينما يترقب المستثمرون ما ستؤول إليه جلسات الكونغرس الأميركي التي من المتوقع أن تناقش تشريعات جديدة لزيادة الرسوم الجمركية على الدول غير المتفقة تجاريًا مع واشنطن.

الدولار يرتفع ثم يتراجع.. واليورو تحت الضغط

من جهته، سجّل مؤشر الدولار الأميركي قفزة بنسبة 0.517% يوم الإثنين، بدعم من خطاب ترامب وتزايد الإقبال على العملة الأميركية كملاذ آمن، إضافة إلى بيانات قوية لسوق العمل.

غير أن العملة الخضراء تراجعت صباح اليوم بنسبة 0.25%، لتستقر عند مستوى 97.29، مع بقاء مستوى 97.65 كمقاومة رئيسية ضمن قناة هابطة ضغطت على المؤشر منذ بداية العام. أما اليورو، فقد تراجع إلى ما دون 1.1720 أمام الدولار، رغم البيانات الإيجابية الصادرة من ألمانيا، بفعل استمرار الضغوط السياسية والتجارية.

قراءة مستقبلية

ويرى مراقبون أن استمرار التذبذب في الأسواق العالمية مرهون بعدة عوامل، أبرزها تطورات ملف الرسوم الجمركية الأميركية، وردود الفعل الدولية عليها، إلى جانب المؤشرات الفنية لمستويات الدعم والمقاومة في أسواق السلع والعملات.

كما يُنتظر أن يكون لنتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتصريحات الرسمية من البيت الأبيض خلال الأسبوع الجاري، تأثير مباشر على اتجاهات المستثمرين، خصوصاً في ظل حساسية الأسواق لأي إشارات مفاجئة في هذا التوقيت المضطرب.



إقرأ المزيد