استراتيجية المملكة للطيران تعتمد على النمو والتسهيل على المشغلين
جريدة الرياض -

ارتفع الطلب في قطاع الطيران بالشرق الأوسط منذ بداية العام وحتى تاريخه بنسبة 6 % بما يتماشى مع المتوسط العالمي، علماً أنّ المقارنة تغطي الفترة من يناير وحتى أبريل 2025 مع يناير حتى أبريل 2024، وانخفض أداء حركة الشحن في الشرق الأوسط منذ بداية العام بنسبة 5.3 %، ما يعكس التحديات التي يواجهها القطاع (الفترة من يناير وحتى أبريل 2025 مع يناير حتى أبريل 2024).

وتوقعات بتضاعف أعداد المسافرين في الشرق الأوسط إلى 530 مليون مسافر في عام 2043

وستنمو حركة السفر بمعدل سنوي يبلغ 3.9 % في المتوسط خلال الفترة 2023 - 2043

السلامة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا

بلغ المعدل العالمي الإجمالي للحوادث 1.13 حادثاً لكل مليون رحلة، مرتفعاً من 1.09 في عام 2023، ما يعني وقوع حادث واحد فقط تقريباً لكل مليون رحلة طيران.

على الرغم من أن هذا الارتفاع لا يزال أقل من المتوسط لمدة 5 سنوات عند 1.25، إلا أن الزيادة الطفيفة تذكرنا بأن التقدم في مجال السلامة ليس أمراً مضمونًا ويجب تدعيمه بفعالية. وسجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توجهاً إيجابياً لينخفض معدل الحوادث الإجمالية من 1.12 في عام 2023 إلى 1.08 في عام 2024.

ويعكس هذا التحسن المتواضع الجهود المبذولة لتعزيز الرقابة وتوحيد الإجراءات والاستثمار في ثقافة السلامة، تبرز كذلك أهمية استمرار التعاون بين الجهات التنظيمية وشركات الطيران وفِرق العمليات الأرضية للحفاظ على هذا الزخم.

ويشهد قطاع الطيران في الشرق الأوسط أداءً جيداً بشكلٍ عام، غير أنّ التطور الذي تمر به المنطقة لا يجري بشكل متساوٍ في واقع الأمر.

وأسفرت النزاعات المستمرة في اليمن وسورية والعراق وإسرائيل ولبنان عن إغلاق المجال الجوي لفترات طويلة وتعطيل كبير لعمليات الطيران. وقد أدت هذه الظروف إلى إضعاف البنية التحتية للطيران، وتراجع ثقة المستثمرين، والحد من إمكانية الوصول إلى الأسواق الحيوية.

وقد أجبرت القيود المفروضة على التحليق، لا سيما حول المجال الجوي الإيراني والسوري، شركات الطيران على تغيير مسارها، الأمر الذي أدى إلى زيادة استهلاك الوقود وزيادة الانبعاثات وإطالة أوقات الرحلات الجوية.

وتعيق مناطق النزاعات أيضاً الربط بين الأقاليم المختلفة، مما يعرقل التكامل الاقتصادي ويعيق حركة الناس والبضائع، خاصة في الدول التي ستستفيد أكثر من غيرها من تعزيز الربط الجوي.

وتحدّ العقوبات من الوصول إلى الطائرات وقطع الغيار والتمويل، مما يؤدي إلى عزل بعض شركات الطيران عن نظام الطيران العالمي والتأثير سلباً على السلامة والنمو.

ورغم ما أظهره قطاع الطيران من مرونة ملحوظة في ظل حالة انعدام اليقين السياسي، فإنّ إمكاناته تتحقق بالكامل في البيئات المستقرة والسلمية والمنفتحة على المشاركة الدولية.

التباين الاقتصادي

تضم المنطقة مجموعة من أغنى وأفقر دول العالم، مع وجود فجوات هائلة في القدرات في مجالات الطيران والاستثمار، حيث قامت دول مجلس التعاون الخليجي (مثل دولة الإمارات وقطر والمملكة العربية السعودية) ببناء مراكز وأساطيل عالمية المستوى بدعم حكومي قوي.

تواجه الدول ذات الدخل المنخفض، مثل اليمن ولبنان وسورية، تدهوراً في البنية التحتية ونقصاً في تمويل هيئات الطيران المدني وتقادم أساطيل الطائرات، وتبرز هُنا أهمية اعتماد منهجية إقليمية مدروسة لتقليص الفجوة.

وفي ظل غياب سوق موحدة للنقل الجوي في الشرق الأوسط: لا يوجد حالياً إطار عمل شامل يسمح لشركات الطيران بالعمل بسلاسة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، علماً أنّ اعتماد منهجية أكثر تنسيقاً يُمكن أن يعزز الترابط والكفاءة والتكامل الاقتصادي.مع أهمية الاهتمام بلوائح عادلة ومتناسبة لحماية المستهلك، حيث تتسم اللوائح التنظيمية الذكية القائمة على أفضل الممارسات العالمية ومعايير القطاع بأهمية بالغة لازدهار قطاع الطيران. كما أنّه لا ينبغي استقدام التشريعات غير الفاعلة الخاصة بالمستهلكين من أوروبا والولايات المتحدة. ويجب أن تتسم اللوائح التنظيمية الخاصة بالمستهلك بالعدل والتناسب.

وتعني الاختلافات في اللوائح الوطنية لعمليات الصيانة والإصلاح والعمرة أن الشهادات التي يتم الحصول عليها في دولة ما قد لا يتم الاعتراف بها في دولة أخرى. ويؤدي غياب الاعتراف المتبادل إلى وضع عوائق أمام مزودي خدمات الصيانة والإصلاح والعمرة الذين يسعون إلى العمل في مختلف دول الشرق الأوسط، مما يتسبب في انعدام الكفاءة وزيادة التكاليف.

ويستند تطوير المطارات والبنية التحتية إلى نماذج تنظيمية اقتصادية متنوعة. ويمكن أن يساعد اتباع منهجية إقليمية مدروسة في ضمان فعالية البنية التحتية من حيث التكلفة وقابليتها للتطوير وملاءمتها لشركات الطيران. كما تبرز أهمية وجود إطار تنظيمي يحقق التوازن المطلوب بين الطموح والاستدامة الاقتصادية. وتُعد استراتيجية المملكة العربية السعودية للتحول في مجال الطيران من أهم الأمثلة في هذا الصدد، لا سيما أنّها تعتمد على النمو دون إثقال كاهل المشغلين.

كما أن الدعم الحكومي ضروري لإطلاق الإمكانات الكاملة لقطاع الطيران في الشرق الأوسط

وتتفاوت درجات تحديد أولويات قطاع الطيران في الشرق الأوسط. وسيساعد اتباع منهجية موحدة وتعاونية في ردم الفجوة بين الدول وتعزيز دور المنطقة في مجال الطيران.

وتبرز هُنا خمسة مجالات ذات أولوية يجب معالجتها وهي:

1- الارتقاء نحو سوق نقل جوي أكثر تكاملاً: تعزيز التعاون الإقليمي بشأن اتفاقيات الخدمات الجوية لتحسين الربط والحدّ من التجزئة وإتاحة تطوير مسارات أكثر مرونة.

2- لوائح عادلة ومتناسبة لحماية المستهلك: العمل من أجل وضع خط أساس متسق يلتزم بمبادئ منظمة الطيران المدني الدولي (الإيكاو) وأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال ومعايير حقوق المسافرين في جميع أنحاء المنطقة، بما يضمن حصول المسافرين على معاملة عادلة وشفافة بصرف النظر عن مكان سفرهم.

3- دعم الاستثمار الفعال من حيث التكلفة والتوقيت في البنية التحتية من خلال اللوائح التنظيمية الذكية: تعزيز تطوير البنية التحتية التي تتسم بالفعالية من حيث التكلفة وقابلية التوسع، وتتماشى مع نمو حركة المرور على المدى الطويل، بما يضمن بقاء المطارات وخدمات الملاحة الجوية متاحة وميسورة التكلفة.

4- تعزيز الرقابة على الصيانة والسلامة: تشجيع الاعتراف المتبادل بمعايير الصيانة والتدريب والاعتمادات لضمان اتساق إجراءات السلامة ودعم كفاءة شركات الطيران عبر الحدود.

5- دعم إعادة إدماج الدول الخارجة من العقوبات: إنشاء مسارات لعودة الدول بشكلٍ آمن ومنظم إلى نظام الطيران الإقليمي، بما في ذلك تسهيل الوصول إلى الطائرات والتمويل والمعايير الدولية مع منح الأولوية للسلامة والمواءمة.



إقرأ المزيد