رؤية 2030.. كشف حساب للإنجازات قبل موعدها
جريدة الرياض -

بينما تقف المملكة على أعتاب نهاية المرحلة الثانية من “رؤية 2030”، يقدم تقريرها عن السنوات الماضية من عمرها، كشف حساب دقيق، يحمل في طياته الكثير من الإنجازات التي سبقت معدلها الزمني، ومنها النجاحات التي حققت مستهدفاتها بدقة كبيرة.

القراءة في التقرير تؤكد أن الرؤية تسير بخطى واثقة نحو تحقيق أهدافها الطموحة، بل وتتجاوز بعضها، من خلال مؤشرات إيجابية تعكس التحول، فقد تم تحقيق نسبة مبهرة بلغت 93 % في المؤشرات التي حققت مستهدفاتها السنوية أو اقتربت منها، إضافة إلى إنجاز 85 % من المبادرات المخطط لها أو سيرها على المسار الصحيح، والأكثر دلالة هو تحقيق 8 مستهدفات قبل ست سنوات من الموعد المحدد لعام 2030، مما يعكس الزخم القوي الذي تشهده مسيرة التحول الاقتصادي والاجتماعي في المملكة.  

وتتجلى ثمار “الرؤية” في تحقيق مستهدفات طموحة وتجاوزها في عدة قطاعات رئيسية، منها السياحة، التي تجاوزت مستهدف الوصول إلى 100 مليون سائح قبل الموعد المحدد، مما يؤكد على جاذبية المملكة كوجهة سياحية عالمية جديدة، وبمقاصد تراثية وثقافية واقتصادية وعلمية جاذبة إلى جانب السياحة الدينية، إضافة إلى التقدير العالمي للمكون الثقافي التراثي السعودي، الذي تمثل في تحقيق مستهدف تسجيل 8 مواقع تراثية في اليونسكو، مما يعزز مكانة المملكة الثقافية والسياحية عالميًا، ويزيد من حجم أجندة المقاصد السياحية السعودية.

وإذا استعرضنا النجاحات دون تفصيل، سنكون أمام مشهد في غاية الأهمية، ألا وهو مفهوم التطوع في إطاره المؤسسي – الذي لم يكن معروفاً من ذي قبل إلا في إطاره الشخصي أو العائلي – فقد وصل عدد المتطوعين إلى 1.2 مليون متطوع، مما يعكس تنامي الوعي المجتمعي، والعبقرية هنا أن هذا العدد يمثل نسبة كبيرة من أعداد سكان المملكة، في إشارة جلية لرواج مفهوم فلسفة التطوع المؤسسي، والإقبال عليه من شرائح المجتمع المختلفة.

الرؤية بمكوناتها، تضع الإنسان في قلب أولوياتها، فكان الحق في الحصول على وظائف، يفرزها الاقتصاد السعودي بقوته وتنوعه، مما فتح الباب أمام ما يقارب من نصف مليون إنسان ليلتحقوا بالعمل خلال عام واحد، ليتم الاقتراب من المستهدف الحقيقي لنسبة البطالة تحت مؤشر 7 %.

وعلى نفس المستوى من الحقوق، كان تمكين المرأة، إذ تجاوز مستهدف مشاركتها في سوق العمل بوصولها إلى 33.5 %.

وفي مجال جودة الحياة وصحة المجتمع، تظهر نتائج “الرؤية” تأثيرها الإيجابي على حياة المواطنين وأمنهم وسلامتهم، حيث ارتفع متوسط العمر المتوقع إلى 78.8 سنة، وانخفضت أعداد ضحايا حوادث الطرق إلى النصف تقريبًا مقارنة بما قبل إطلاق الرؤية، مع تعزيز برامج التحول الصحي، والوصول إلى أبعد مكان لاستهداف المواطن والمقيم في كل بقعة من بقاع المملكة بخدمات راقية سريعة.

وفي ملف توليه المملكة أهمية خاصة، وهو الإسكان، فإن الحكومة الرشيدة تقترب من تحقيق مستهدفات برنامج الإسكان؛ أحد برامج «رؤية 2030»، بعد أن حققت ارتفاعاً في نسبة تملك الأُسر للمساكن إلى 63.7 % خلال العام المنصرم، والاتجاه بشكل أكثر نحو الرقم المستهدف 70 % بنهاية العقد الحالي وصولاً إلى عام 2030. المملكة تسابق الزمن في قطاع الإسكان، حيث تم ترخيص وإطلاق أكثر من 205 آلاف وحدة سكنية من مشاريع البيع على الخريطة خلال العام الفائت، وتسليم منها ما يزيد عن 60 ألف وحدة سكنية، وإتاحة 165 ألف قطعة أرض عبر منصة «سكني»؛ لتمكين المستفيدين من بناء مساكنهم وفق احتياجاتهم الحياتية المستقبلية، إلى جانب الإسكان التنموي، حيث تم توفير أكثر من 50 ألف وحدة سكنية للأُسر الأشد حاجة؛ تعزيزاً لمنظومة الإسكان التنموي وتحقيقاً لمبدأ الاستدامة الاجتماعية.

وتُواصل الحكومة جهودها لضمان تنويع الخيارات وتقديم بيئة سكنية متكاملة تلبي احتياجات المواطنين، كما تجاوز عدد الأُسر المستفيدة من خدمات الدعم السكني، حتى نهاية العام 2024م، 122 ألفاً، وأن إجمالي محققات «قسطك دعمك» بلغ 2.7 ألف، الذي يتيح خيارات متعددة لدفع الأقساط، أثناء فترة الإنشاء لمنتج الوحدات تحت الإنشاء والبناء الذاتي، إضافة إلى وصول إجمالي العقود التمويلية الموقَّعة حتى نهاية العام إلى 107 آلاف عقد تمويلي. وفي منظومة التعليم تعمل “رؤية 2030” على تحديثها؛ لتلبية متطلبات المستقبل، من خلال تحديث المناهج، وتطوير قدرات المعلمين، والتركيز على التعليم التقني والمهني، لضمان مخرجات تعليمية عالية الجودة تواكب سوق العمل والطفرة الاقتصادية الكبيرة، وفتح آفاق الاستثمار الخارجي، حيث تجاوز مستهدف جذب المقرات الإقليمية للشركات العالمية بأكثر من 571 شركة.

وبالطبع العلاقة وطيدة بين التعليم والاقتصاد، فالاقتصاد القوي المتنوع يحتاج إلى مخرجات تعليم عالية الجودة تواكب السرعة التي يسير بها العالم، ويؤكد على ذلك الاقتصاد غير النفطي، الذي ينمو بشكل ملحوظ، مدفوعًا بقطاعات السياحة والاستثمار الأجنبي والتحول الرقمي، مما يساهم في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، مع الاستغلال الأمثل للموارد التعدينية والزراعية، وإنشاء مراكز لوجستية عالمية على أرض المملكة، جميعها تستهدف المخرجات التعليمية القادرة على التعامل مع تلك المعطيات المتسارعة.

وتظل المرحلة الثالثة.. تحمل في طياتها طموحات تتجاوز حدود 2030، وذلك مع قرب انتهاء المرحلة الثانية، التي تستعد المملكة للانطلاق من خلالها إلى آفاق جديدة نحو المرحلة الثالثة في عام 2026 بطموحات أكبر وعزم على مضاعفة الجهود وتسريع وتيرة الإنجاز، لأن النجاحات المتحققة رفعت سقف التوقعات، وتتطلع المملكة إلى مواصلة مسيرة التنمية المستدامة لما بعد عام 2030.

وتبقى المملكة بمنجزاتها، شاهدة على عصر من التقدم والازدهار والنماء، مقدمة للعالم نموذجاً فريداً، في تنفيذ استراتيجيات عمل مرنة وطموحة، مستندة على الواقع، لذا حققت نجاحاً فاق التوقعات في المرحلة الثانية من الرؤية، وتأهباً للمرحلة الثالثة مع بدايات عام 2026م.



إقرأ المزيد