القمة الروسية الهندية الـ23..: الدفاع والطاقة والتجارة على رأس الأولويات
عين ليبيا -

يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين زيارته الرسمية للهند، والتي بدأت الخميس 4 ديسمبر 2025 وتستمر يومين، حيث استقبل رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي بوتين شخصيًا عند وصوله إلى مطار نيودلهي، في لفتة غير معتادة كسر فيها البروتوكول الرسمي، مع عناق حار ومصافحة قوية بين الزعيمين، تعكس عمق العلاقة الشخصية بينهما.

واستهل الرئيسان محادثاتهما بجلوس غير رسمي، تلاه اجتماع رسمي موسع بمشاركة وفود رفيعة المستوى من كلا البلدين، حيث ركزت المحادثات على مجمل أجندة العلاقات الروسية الهندية، شاملة القطاعات الدفاعية والطاقة والتجارة والاستثمار، بالإضافة إلى التعاون في النقل والعمالة والمجالات الاستراتيجية في القطب الشمالي وممر الشمال-الجنوب.

وأكد بوتين، في بيان عقب انتهاء المحادثات، شكره لمودي على حفاوة الاستقبال، مشيرًا إلى أن الطرفين استعرضا بشكل شامل القضايا الملحة للتعاون متعدد الجوانب، ووقعا حزمة مهمة من الوثائق تضمنت اتفاقيات حكومية وتجارية، تركز على تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتعاون الاقتصادي حتى عام 2030.

وأشار بوتين إلى أن روسيا مورّد موثوق للطاقة للهند، وأن الشراكة في قطاع الطاقة تتطور بنجاح لدعم الاقتصاد الهندي سريع النمو، موضحًا أن 96% من التسويات بين روسيا والهند تتم بالعملات الوطنية، ما يعزز الاستقرار المالي والتجاري بين الطرفين.

كما شدد الرئيس الروسي على أن التعاون العسكري التقني قائم على الثقة، مع التركيز على منظومات الدفاع الجوي “إس-400” وطائرة “سو-57” المقاتلة من الجيل الخامس، ووصف الأخيرة بأنها “أفضل طائرة في العالم”، مؤكدًا عزم روسيا على تعميق التعاون الصناعي الدفاعي المشترك مع الهند، بما يشمل التصنيع المشترك والبرامج التدريبية والتقنيات المتقدمة.

من جانبه، أكد رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي أن بوتين وضع أسس الشراكة الاستراتيجية بين روسيا والهند قبل 25 عامًا، مشيرًا إلى أن صداقتهما تمنح الدولتين القوة لمواجهة التحديات العالمية.

وأضاف مودي أن المحادثات تناولت جميع القطاعات ومسارات التعاون لتصبح أساس العلاقات الثنائية أكثر متانة، وأوضح أنه تم الاتفاق على تنفيذ برنامج التعاون الاقتصادي حتى عام 2030، مؤكدًا أن تعزيز الاتصالات بين الهند وروسيا يمثل أولوية وطنية، وأن التعاون سيخلق فرص عمل للشباب في مجالات استغلال القطب الشمالي وممر الشمال-الجنوب.

كما أشار مودي إلى أن الاتفاقيات المشتركة ستشمل تطوير الطاقة المتجددة، تحسين النقل والتجارة الثنائية، وتسهيل الاستثمارات المشتركة في قطاع الصناعة والتكنولوجيا، مع التركيز على دعم الابتكار والقطاع الخاص في كلا البلدين.

وشملت الزيارة أيضًا مراسم رسمية في قصر الرئاسة “راشتراباتي بهافان” في دلهي، الذي يعد المقر الرسمي لرئيس الهند ويجمع بين العمارة الأنغلو-هندية التقليدية والفن المعماري المغولي، وتبلغ مساحة المجمع 132 هكتارًا، ويضم عمود جايبور وحديقة خالدة ونوافير وبرك مياه، ما يعكس التراث الثقافي والتاريخي للهند.

وأفاد مسؤولون روس وهنديون أن الاتفاقيات الاقتصادية الكبرى بين البلدين باتت في مراحلها النهائية وسيتم توقيعها خلال القمة،

كما تشمل زيارات ثقافية، وحضور منتدى الأعمال الروسي الهندي، واجتماعات مع رجال الأعمال لتعزيز الاستثمارات المشتركة، مع مشاركة وفد روسي رفيع يضم سبعة وزراء، من بينهم وزير الدفاع سيرغي بيلاؤوسوف ووزير المالية أنطون سيلوانوف ورئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا.

وتأتي القمة الروسية الهندية الـ23 في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وما تسعى الولايات المتحدة لتحقيقه من اتفاق سلام، حيث تضع نيودلهي جهودًا كبيرة لتحقيق التوازن بين علاقاتها مع موسكو وواشنطن، مع الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية.

وتعود العلاقات بين روسيا والهند إلى عام 1947، وتعززت بموجب اتفاقية الصداقة والتعاون عام 1993، ثم إعلان الشراكة الاستراتيجية عام 2000. واستمرت العلاقات عبر زيارات متبادلة بين القادة، وبرامج تعاون في الدفاع والطاقة والتجارة، لتصبح الشراكة نموذجًا للتعاون طويل الأمد بين دولتين من كبار اللاعبين الإقليميين، مع الحفاظ على استقلال القرار الاستراتيجي لكل طرف.

اقترح تصحيحاً


إقرأ المزيد